تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآيتان (١٤، ١٥)
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر: ١٤، ١٥].
يقول ﷿: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ في الآية الأُولى قال: ﴿أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ في الأَوَّل يفعل هو يَعْبُد الله مخلصًا له الدِّين، وفي الثاني أُمِرَ أن يُعْلِنَ للمَلَأِ أنه مُخْلِصٌ، وإعلانه أنه مُخْلِصٌ؛ يعني أنه متبَرِّئٌ من شِرْكِهم.
وقوله: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ﴾ إعرابُ اسم الجلالة: مفعولٌ به لـ ﴿أَعْبُدُ﴾ قُدِّم المفعول به للحَصْر؛ يعني لا أعبد غَيْرَه، ونظيره من حيث التَّرْكيبُ قولُه تعالى: في سورة الفاتحة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥] ثم أكد هذا أيضًا بقوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ يعني: لا أعبد غَيْرَ الله، وفي عبادتي له أيضًا أَكونُ مُخْلِصًا له لا يَشوبُ عبادتي إياه شَيءٌ من الشِّرْك.
وقوله: ﴿دِينِي﴾ يعني: عَمَلي، قال المُفَسِّر ﵀: [من الشِّرْك].
وإذا جَمَعْت بين الآيتين: الآية الأولى: وهي قوله: ﴿إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ والثانية هنا؛ عَرَفْتَ شِدَّة امتثال الرَّسولِ ﵊ لرَبِّه، وأنه عَبَدَ الله مُخْلِصًا له الدِّين، وأَعْلَنَ ذلك للمَلَأِ غيرَ مُبالٍ بمخالَفَتِهِم.
قوله تعالى: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾: ﴿فَاعْبُدُوا﴾ هذا يُحْتَمل أن يكون تهديدًا،
1 / 132