تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات اليوم الآخر؛ لقوله: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ وهل يمكن أن يُسْتَفاد منها أنَّ النَّبِي ﷺ تَجوزُ عليه المَعْصِيَة؛ لقوله: ﴿إِنْ عَصَيْتُ﴾؟
ولكن قد يقول قائل: في هذا نظَرٌ؛ لأنَّ الشَّرْط قد يتحَقَّقُ وقد لا يتحقَّق، وقد يكون تحَقُّقُه مُمْتَنِعًا، مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: ٨١]، وقوله تعالى لرسوله: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: ٦٥].
إِذَنْ: فهذه الفائِدَة فيها نظر؛ لأنَّ قوله: ﴿إِنْ عَصَيْتُ﴾ لا يدلُّ على أنَّ المعْصِيَة تقع منه، لكن على فَرْضِ أن تقع فإنِّي أخاف.
وقد يقول قائل: إنَّ كَوْنَه يخاف أمرٌ مُحَقَّقٌ ﴿إِنِّي أَخَافُ﴾ وإذا كان أمرًا محققًا فإن المُعَلَّق عليه وهو المعصية يكون كذلك؛ أي: يمكن أن يكون، يعني معناه: أنَّني إن عَصَيْتُ فإنِّي أخاف.
وعلى كلِّ حال: فإن الرَّسولَ ﵊ ثبت عنه أنه كان يدعو الله أن يَغْفِرَ الله له ذَنْبَه أوَّلَه وآخِرَه (١)، وثبت أنه ﷺ يقول: "اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ" (٢).
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تعظيم يوم القيامة وأنَّه يومٌ عظيم.
ويتفرَّع على هذا: أنَّه ينبغي للعاقِلِ أن يَحْذَر منه.
(١) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (٤٨٣)، من حديث أبي هريرة ﵁. (٢) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، رقم (٧٤٤)، ومسلم: كتاب المساجد، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، رقم (٥٩٨)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 130