تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
النَّاس بوجهٍ مُنْطَلِقٍ مُنْشَرِحٍ لا بوجهٍ مُقَطَّب مُعَبَّس.
فالإحسان إذن: إحسانٌ في عبادة الله، وإحسانٌ إلى عبادِ الله؛ ولهذا قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ أي: في عبادة الله، وإلى عباد الله.
وقوله: ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ هل نجعل ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيَا﴾ مُتَعَلِّقًا بـ (أَحْسن)؛ أو نقول: هو خبرٌ مُقَدَّم و﴿حَسَنَةٌ﴾ مبتدأ مؤخَّرٌ، والجملة من المبتدأ والخبر خَبَرٌ ﴿لِلَّذِينَ﴾؟
الجواب: ننظر: إذا قلنا: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ في هذه الدنيا متعلِّقة بـ (أحسن)، و﴿حَسَنَةٌ﴾ مبتدأٌ خَبَرُه ﴿لِلَّذِينَ﴾ هذا وجه.
الوجه الثاني: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ وينتهي الكلام، ثم: ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ مبتدأٌ وخَبَرٌ.
والأول أَحْسَنُ؛ فإنَّ إحسانَهُم في الدنيا وجزاؤهم حَسَنَةٌ، هذا ما مشى عليه المُفَسِّر ﵀؛ يقول: [﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا﴾ بالطَّاعَةِ].
إذن: ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيَا﴾ مُتَعَلِّقَة بـ ﴿أَحْسَنُوا﴾ وقول المُفَسِّر ﵀: [بالطَّاعَة] فيه قصور؛ وجهه: أنَّنا قُلْنا إنَّ الإحسانَ يَشْمَلُ الإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى عباد الله، وعلى كلام المُفَسِّر ﵀: في العبادة فقط، ولكنَّ الصَّحيح ما ذكرنا.
قوله: ﴿حَسَنَةٌ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [هي الجَنَّة]، ولعله اعتمد في هذه التفسير على قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] فإن الحُسنى هي الجَنَّة، والزيادة: النَّظَرُ إلى وجه الله، ولكن: هل ﴿حَسَنَةٌ﴾ هنا تُطابِقُ ﴿الْحُسْنَى﴾ هناك؟
لا، فالحُسنى اسم تفضيل، وهنا ﴿حَسَنَةٌ﴾ نكِرَة لا تدل على التَّفْضيل، فعندي
1 / 114