تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١٠)
قَالَ اللهُ ﷿: ﴿قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠].
ثم قال الله ﷿: ﴿قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ قوله: ﴿قُلْ﴾ الخطابُ للرَّسول ﷺ، أو لِكُلِّ من يصِحُّ توجيه الخطاب إليه؛ فعلى الأول يكون التَّقدير: قل يا محمَّدُ، وعلى الثاني يكون التقدير: قل أيها الإنسانُ.
وقوله: ﴿يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾: (عبادِ) هنا فيها شيء محذوفٌ، وهو الياء التي دلت عليها الكَسْرة في قوله: ﴿يَاعِبَادِ﴾ وحُذِفَتِ الياء تخفيفًا.
قوله: ﴿الَّذِينَ﴾ عَطْف بيان أو وَصْف.
قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الإيمان في اللغة: التَّصديق أو الإقرار؛ بل نقول: الإقرارُ؛ لأنَّه هو المطابق للإيمان في التَّعَدِّي والعمل، يقال: أقَرَّ بكذا وآمَنَ بكذا، والتَّصْديق لا يطابِقُه تمامًا، وعلى هذا فنقول: الإيمانُ هو الإقرار، لكنه ليس مجرَّد الإقرار كما قاله بعض طوائف المُبْتَدِعَة - مُرْجِئَة الجَهْمِيَّة - بل نقول: هو الإقرار المُسْتَلْزِم للقَبُول والإذعان، هذا الإيمانُ، إذا لم يستلزم للقَبُول والإذعان فإنه ليس بإيمانٍ.
قوله: ﴿اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [أي عذابَه]، وفي هذا نَظَرٌ، بل المراد: تقوى الله ﷿، والله ﷾ يضيف التقوى أحيانًا إلى نفسه، وأحيانًا إلى النَّار،
1 / 111