تفسير العثيمين: الزخرف
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١١)
* * *
قَال اللهُ ﷿: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الزخرف ١١].
* * *
وقَوْلُه: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾ قِرَاءَتَانِ "مِهَادًا" وقَدْ جَاءَتْ فِي آيَةٍ أُخْرَى بهَذَا اللَّفْظِ، ﴿مَهْدًا﴾ وهِيَ بمَعْنَى (مِهَاد).
قَولُهُ تعَالى: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ﴾ أَي: أَنزَلَهُ شَيئًا فَشَيئًا، فتَجِدُ المَطَرَ ينزِلُ مِنَ السَّماءِ نُقَطًا، ولَوْ جَاءَ كأَفْواهِ القِرَبِ لأَفْسَدَ الأرْضَ وهدَمَ البِنَاءَ، ولكِنْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ﷿ أَنْ جعَلَهُ ينْزِلُ شَيئًا فشَيئا، ومَعَ ذَلِكَ تَسِيلُ مِنْهُ الأودِيَةُ وَهُوَ مِنْ نُقطَةٍ نُقطَةٍ، لكِنْ مَعَ كَثرَتِهِ تَسِيل بِهِ الشِّعابُ.
وقَوْلُه: ﴿مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ السَّماءُ هُنَا المُرادُ بهَا العُلُوُّ، واعْلَمْ أن السَّماءَ يُطلَقُ عَلَى مَعنيَينِ:
المعْنَى الأوَّل: العُلوُّ.
والمعْنَى الثَّانِي: السَّقْفُ المحفُوظُ الَّذِي هُوَ السَّمواتُ السَّبعُ.
فقَولُهُ ﷾: ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَينَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٦٤] المُرادُ بالسَّماءِ هُنَا السَّقفُ المحفُوظُ، وكذَلِكَ قَولُهُ ﷿: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢]؛ وأمَّا قَولُهُ: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الأنعام: ٩٩] المُرادُ بِهِ العُلوُّ؛
1 / 66