تفسير العثيمين: الزخرف

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
5

تفسير العثيمين: الزخرف

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

فإِنَّها نزَلَتْ لسَبَبٍ، وقَدْ لَا يُذْكَرُ فِيهَا ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ حسبَما ذُكِرَ فِي كُتُبِ التَّفسِيرِ. وإذَا نزَلَتِ الْآيَةُ لسَبَبٍ: فهَلْ تَخْتَصُّ بذَلِكَ السَّببِ أَوْ تَكُونُ عَامَّةً لَهُ ولمِا يُشارِكُه في العِلَّة؟ الجَوابُ: تكُونُ عَامَّةً لَهُ ولمِا يُشاركُه في العِلَّة؛ ولهَذَا قَال العُلمَاءُ ﵏: العِبرَةُ بعُمُومِ اللَّفظِ لَا بخُصوصِ السَّببِ. فمَثلًا: أوَّلُ سُورةِ المُجادلَة نزَلَتْ في قِصَّةِ رَجُل مُعيَّن -أَوسِ بْنِ الصَّامِتِ-، فهَلْ نَقُولُ: إنَّ هَذَا الحُكمَ خاصٌّ به. أو نَقُولُ: إنَّه عامٌّ لَهُ ولمِنْ يُشارِكُه في المَعْنَى؟ الجَوابُ الثَّانِي؛ فكُلُّ مَنْ ظَاهَر مِنِ امرَأتِهِ فلَهُ حُكْمُ ظِهَارِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ ﵁، وهذ قاعِدَةٌ تُفيدُك في استِعْمَال الاستِدْلَالِ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ، وأنَّ الأَصْلَ هُوَ العُمُومُ. ٣ - القُرآنُ الكَرِيمُ لَهُ خَصَائِصُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا: أنَّهُ لَا يَمَسُّه الإنسَانُ إلا عَلَى طَهَارَةٍ؛ يَعْنِي: أن المُحدِثَ لا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمَسَّ المُصحَفَ حتَّى يَتوَضَّأ؛ لقَولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لعَمرِو بْنِ حَزْمٍ: "ألَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إلا طَاهِرٌ" (^١) أي: طَاهِرٌ مِنَ الحدَثِ؛ لأَنَّ الطَّهارَةَ مِنَ الحَدَثِ تُسمَّى طهَارَة، كَمَا قَال ﷾ في آيَةِ الوُضوءِ والغُسْلِ والتيمم: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: ٦]. واستَثْنَى بعْضُ العُلماءِ ﵏ الصِّغارَ غَيرَ المُكلَّفِينَ، فقَال: لهمْ أَنْ يَمسُّوا

(^١) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٩٩)، والدارمي في سننه (٢٣١٢)، والدارقطني (١/ ١٢٢).

1 / 9