تفسير العثيمين: الزخرف
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٣)
* قَال اللهُ ﷿: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: ٣].
﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ﴾ يَقُولُ المُفسِّرُ ﵀: [أَوْجَدْنا الكِتَابَ ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ بلُغةِ العَرَبِ، ﴿لَعَلَّكُمْ﴾ يَا أهْلَ مَكَّةَ ﴿تَعْقِلُونَ﴾ تَفهَمُونَ معَانيَهِ].
قولُهُ ﷿: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ﴾ ضَمِيرُ الفَاعِلِ يَعُودُ عَلَى اللهِ ﷾، وضَمِيرُ المَفعُولِ يَعُودُ عَلَى القُرآنِ، ومَعْنَى ﴿جَعَلْنَاهُ﴾ عَلَى كَلَامِ المُفسِّر: أَوْجَدْنَاهُ ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾، والصَّوابُ أن المَعْنَى: صَيَّرْنَاه قُرْءانًا عَرَبِيًّا، أَي: صَيَّرنَاهُ بلُغَةِ العَرَبِ.
﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أَي: تَفْهَمُونَ.
و﴿جَعَلْنَاهُ﴾ بمَعْنَى: صيَّرْنَاه، أحيَانًا جَعَلَ تَكُونُ بمَعْنَى صَيَّرَ، وأَحْيَانًا تَكُونُ بمَعْنَى خَلَقَ، حسَبَ السِّياقِ، إذَا نصَبَتْ مفْعُولَينِ فهِي بمَعْنَى صَيَّر، وإِذَا نَصَبَتْ مَفعُولًا واحِدًا فهِي بمَعْنَى ﴿خَلَقَ﴾ مِثْلَ قَولِهِ ﷾: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] أَي: بمَعْنَى خَلَق؛ لأنَّها لَمْ تَنْصِبْ إلا مَفْعُولًا واحِدًا، أمَّا إِذَا نَصَبَتْ مَفْعُولَينِ فهِيَ بمَعْنَى صَيَّر.
والخِطَابُ فِي قَولِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ﴾ عَلَى كَلَامِ المُفسِّر يَعُودُ إِلَى أهْلِ مَكَّةَ، والصَّوابُ أنَّهُ يَعُودُ إِلَى العَرَبِ كُلِّهم، لأَنَّ العَرَبُ هُمْ أهْلُ مَكَّةَ وغَيرُهُم، فيَكُونُ المَعْنَى: صَيَّرنَاهُ بلُغَةِ العَرَبِ؛ لتَفهَمُوهُ أيُّها العرَبُ.
1 / 32