تفسير العثيمين: السجدة

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
79

تفسير العثيمين: السجدة

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (١٦) * * * * قالَ الله ﷿: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: ١٦]. * * * ثم بيَّنَ الله تعالى من صفاتهم ما بَيَّن بقوله ﵀: [﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾ تَرْتَفِع] وتَبْتَعِد أيضًا لأنَّ المجافاةَ الإبعادُ، ومنه: "كان النَّبِيُّ ﷺ يُجَافِي عَضُدَيْهِ فِي السُّجُودِ" (^١) يعني: يُبْعِدُهُما عن جَنْبَيْه، فمعناه إذن: الإبعادُ والإرْتِفاعُ، والإرْتِفاعُ يَسْتَلْزِمُ البُعْدَ. وقوله تعالى: ﴿عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ المضاجِعُ جَمْعُ مَضْجَعٍ، وهو مكان الإضْطِجاعِ والإضطجاع النَّوْمُ؛ يقول المُفَسِّر ﵀: [مَوَاضِعُ الإضْطِجَاعِ بِفُرُشِهَا لِصَلَاتِهِمْ بِاللَّيْلِ تَهَجُّدًا] فلا ينامونَ؛ أي: تتجافى جنوبُهُم عن المضاجِعِ فلا ينامون، ولكنَّ هذا مُقَيَّدٌ بما جاءت به السُّنَّة: أنَّهُم يتَهَجَّدون ليس كلَّ اللَّيلِ، ولكِنِ الزَّمَنَ المَشْروعَ التهَجُّدُ فيه. وقوله ﵀: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا﴾ من عِقَابِهِ ﴿وَطَمَعًا﴾ في رَحْمَتِه]. يَدْعُون هذه جُمْلَةٌ حالِيَّة من فاعِلِ ﴿تَتَجَافَى﴾ أو من المضافِ إليه بـ ﴿جُنُوبُهُمْ﴾

(^١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٠)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب صفة السجود، رقم (٩٠٠)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب السجود، رقم (٨٨٦)، من حديث أحمر بن جزء ﵁.

1 / 84