تفسير العثيمين: السجدة
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ما دامت موجودةً أبدًا؛ ولكنَّ الكلامَ في أبَدِيَّتِها هي، فهل هي مُؤَبَّدة أو مُؤَمَّدةٌ؟
والصَّواب: أنَّها مُؤَبَّدَةٌ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في ثلاثِ آياتٍ من القرآن في سورة النِّساءِ، وفي سورة الأحزابِ، وفي سورة الجِنِّ.
ففي سورة النساءِ قولُهُ ﷾: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: ١٦٨ - ١٦٩].
وفي سورة الأحزاب قَوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الأحزاب: ٢٣].
وفي سورة الجِنِّ قولُهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن: ٢٣].
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: إنَّ التَّأبيد هنا لخُلُودِهِم؟
قُلْنَا: لا تأبيدَ لخلودٍ إلا والمكانُ خالِدٌ فيه؛ فإذا تأبَّدَ الخلودُ فإنَّما مكانُ الخُلْدِ يكون مُؤبَّدًا بالضَّرورةِ، ولهذا الصَّوابُ المقطوعُ به: أنَّ النَّار أَبَدِيَّةٌ.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ الله ﷾ لا يَظْلِمُ أحدًا؛ لقوله تعالى: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الجَزاء من جِنْس العَمَل، فكما أنَّهُم أَفْنَوْا حياتَهُم في مَعْصِيَة الله فإنَّ حياتَهُم الآخِرَة أيضًا ستكونُ في عذابِ الله.
* * *
1 / 77