تفسير العثيمين: السجدة
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
هل هذا الكلام يدلُّ على أنه على مَذْهَبِ السَّلَفِ في صِفَة الإستواءِ، أو على مذهب الخَلَفِ؟ لأن الخَلَف يقولون: الإستواءُ الذي يليقُ به: الإستيلاءُ، هذا الذي يليقُ عندهم! والسَّلَفُ يقولون: الإستواءُ الذي يليق به: العُلُوُّ على الوَجْهِ الذي يليق بالله.
قوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾: ﴿مَا لَكُمْ﴾: ﴿مَا﴾ نافِيَة، والخطابُ في قوله تعالى: ﴿لَكُمْ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [يا كُفَّارَ مكَّةَ] والصوابُ العُمُوم؛ يعني: ما لكم أيُّها المخاطَبُون، وَيشْمَلُ كفَّارَ مكَّة وغَيْرَهم.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ الدُّونُ بمعنى سِوَى؛ يعني: ما لكم مِنْ سِوَاه؛ ولهذا قال المُفَسِّر [مِنْ غَيْرِه].
وقوله ﵀: [﴿مِنْ وَلِيٍّ﴾ اسْمُ (ما) بِزيادَةِ مِنْ] وزيادَتُها هنا مِن أجْلِ التَّوْكيد والتَّنْصيصِ على العموم، ولكن قوله (اسْمُ ما) خطأٌ؛ قال ابنُ مالِكٍ ﵀:
............................... ... مَعَ بَقَا النَّفْيِ وَتَرْتيبٍ زُكِنْ (^١)
فلا بدَّ في (ما) أن تكون مُرَتَّبَة؛ يعني: الإسْمُ قبل الخبر، فإن لم تكن كذلك فإنَّها لا تَعْمَلُ؛ لأنها ما تعملُ إلا على لُغَةِ الحِجازِيِّينَ بالشُّروطِ التي ذَكَر ابنُ مالِكٍ ﵀، فيكون قولُ المُفَسِّر ﵀: [اسمُ (ما)] قد يكون سَقْطَةَ قَلَمٍ أو سهوًا، فإنَّ (ما) هنا غيرُ عامِلَةٍ، وهنا (ما) نافية فقط، وسبب بُطلانِ عَمَلِها عَدَمُ التَّرْتِيب.
وخبر المبتدأ إذن: قَوْلُه: (لكم): ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ يقول: [أي ناصِرٌ] ولا شفيعٌ، فَسَّر الوليَّ هنا بالنَّاصِر، وقد اعترضوا عليه؛ لأن الله ﷾ يقول
_________
(^١) الألفية (ص: ٢٠).
1 / 29