تفسير العثيمين: السجدة
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أنه لا حاكِمَ في الآخِرَة إلا الله، تُؤخَذُ من ضميرِ الفَصْل في قوله ﷿: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ﴾ فهو وَحْدَه يَفْصِلُ، وقد قال الله تعالى في آيةٍ أخرى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾، وقال: ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثباتُ يَوْم القيامَةِ؛ لقوله تعالى: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ الله ﷾ يَحْكُمُ بين المؤمنين والكافرين في ذلك اليَوْمِ؛ لقوله ﷾: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ فيقول: أنتم على حَقٍّ، وأنتم على باطِلٍ؛ وهؤلاء للجَنَّةِ، وهؤلاء للنَّارِ، والغالِبُ المُنْتَصِرُ هم المؤمنون.
وقد قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١]، فانظر! قاضٍ يُعْلِنُ الحُكْمَ بين الخَصْمَيْنِ ويقول: أنتَ الغالِبُ، يعلن بالحُكْمِ قبل القَضِيَّة، وهذا في حَقِّ الله ﷿ لا شَكَّ أنه جائِزٌ، لكنْ في قضيَّة في الدُّنْيا ويأتي القاضي ويقول: يا فلانُ أنت كاذِبٌ، وذاك ليس له سبيلٌ عليكَ، فهذا لا يجوز:
أولًا: لأنَّ القاضيَ إلى الآن ما عُرِضَتْ عليه هذه القضيَّة ولا يدري.
ثانيًا: أنَّ الخَصْمَ غالبًا يَذْكُرُ الحُجَّة التي له سواء إنْ قَصَدَ إخفاءَ قضِيَّة خَصْمِه أم ظنَّ أنها لا تَنْفَعُه.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنه لا وِفاقَ بين المؤمنينَ والكافرين؛ لقوله ﷾: ﴿فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ فأيُّ إنسانٍ يحاوِلُ أن يقارِبَ بين الإسلامِ والنَّصْرانِيَّة
1 / 116