تفسير العثيمين: الصافات

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
53

تفسير العثيمين: الصافات

الناشر

دار الثريا للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

﴿وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي غيره من الأوثان ﴿فَاهْدُوهُمْ﴾ دلوهم وسوقوهم إلى ﴿صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣)﴾ طريق النار]. أعوذ بالله. ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، الخطاب من الله -والعلم عنده- إلى الملائكة، ومعنى احشروا أي اجمعوا كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن: ٩] وسُمِّي يوم الجمع وسُمِّي يوم الحشر؛ لأن الناس يحشرون فيه ويجتمعون، وقوله: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾. قال المؤلف: [ظلموا أنفسهم بالشرك، ولكن ينبغي أن يقال: ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم؛ لأن الله ﷾ حذف المفعول به، وحذف المفعول به يؤذن بالعموم، فهم في الحقيقة ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم، ولاسيما الرؤساء منهم الذين أضلوا أتباعهم فإنهم ظلموهم بتلبيس الحق بالباطل وإضلالهم. ﴿وَأَزْوَاجَهُمْ﴾، قال المؤلف: [قرناءهم من الشياطين] كل زوج قرين، ومنه الزوج وزوجته فإنهما قرينان، وقيل المراد بالأزواج: الأصناف والأشكال، ومنه قوله تعالى: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (٥٨)﴾ [ص: ٥٨] أي أصناف، والمعنى متقارب؛ لأن الغالب أن القرين من جنس المقارن، كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" (^١). ﴿وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢)﴾ أي والذي كانوا يعبدون في الدنيا،

(^١) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس (رقم ٤٨٣٣) والترمذي في كتاب الزهد، باب ٤٥ (رقم ٢٣٧٨) وقال: حسن غريب.

1 / 56