تفسير العثيمين: الصافات
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
﴿وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي غيره من الأوثان ﴿فَاهْدُوهُمْ﴾ دلوهم وسوقوهم إلى ﴿صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣)﴾ طريق النار]. أعوذ بالله.
﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، الخطاب من الله -والعلم عنده- إلى الملائكة، ومعنى احشروا أي اجمعوا كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن: ٩] وسُمِّي يوم الجمع وسُمِّي يوم الحشر؛ لأن الناس يحشرون فيه ويجتمعون، وقوله: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾. قال المؤلف: [ظلموا أنفسهم بالشرك، ولكن ينبغي أن يقال: ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم؛ لأن الله ﷾ حذف المفعول به، وحذف المفعول به يؤذن بالعموم، فهم في الحقيقة ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم، ولاسيما الرؤساء منهم الذين أضلوا أتباعهم فإنهم ظلموهم بتلبيس الحق بالباطل وإضلالهم.
﴿وَأَزْوَاجَهُمْ﴾، قال المؤلف: [قرناءهم من الشياطين] كل زوج قرين، ومنه الزوج وزوجته فإنهما قرينان، وقيل المراد بالأزواج: الأصناف والأشكال، ومنه قوله تعالى: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (٥٨)﴾ [ص: ٥٨] أي أصناف، والمعنى متقارب؛ لأن الغالب أن القرين من جنس المقارن، كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" (^١).
﴿وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢)﴾ أي والذي كانوا يعبدون في الدنيا،
(^١) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس (رقم ٤٨٣٣) والترمذي في كتاب الزهد، باب ٤٥ (رقم ٢٣٧٨) وقال: حسن غريب.
1 / 56