تفسير العثيمين: الصافات
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
الله غيره، ولهذا أنكر عليهم من كان من أعقل الخلق إبراهيم ﵊ فقال: ﴿مَاذَا تَعْبُدُونَ﴾؟ وقد أرشد الله إلى هذا في قوله: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠] وملة إبراهيم هي الحنيفية المبنية على الإخلاص، فكل من خالف ذلك فقد سفه نفسه، أي: أوقعها في السفه، الذي هو ضد الرشد والعقل.
١٠ - ومن فوائد قوله: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ﴾ أن كل من زعم أن مع الله إلهًا يعبده فهو آفك كاذب، لقوله: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ﴾.
١١ - ومن فوائدها: أن دعوى كون هذه آلهة لا يعطيها سمة الألوهية؛ لأن الكذب لا يقلب الحقائق عن أصلها، فلو قلت مثلًا: قدم زيد، وهو لم يقدم لم يكن قادمًا، فهذه الآلهة وإن جعلوها آلهة لن تكون آلهة، كما قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [النجم: ٢٣].
١٢ - ومن فوائدها: أن عابدي الآلهة من دون الله يقصدونها قصدًا حقيقيًّا بقلوبهم، كما يتجهون إليها بجوارحهم ولهذا قال: ﴿دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ﴾.
فليسوا يعبدونها مجرد عادة، ولكنهم يعبدونها قصدًا وعبادة، حتى إنهم نسوا الله ﷿.
١٣ - ومن فوائد قوله: ﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بَربِّ العَالَمَينَ﴾؟ الإنكار الشديد من إبراهيم ﵊ على قومه،
1 / 208