تفسير العثيمين: الصافات
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [غافر: ١٤] ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢)﴾ [الزمر: ٢].
٤ - ومن فوائدها: تشريف هؤلاء المخلصين بإضافة عبوديتهم إلى الله تعالى، فإنَّه لا شك أنَّه من يضاف إلى الله ﷿ ينال الشرف، ولهذا شرف الله تعالى بيته بإضافته إليه فقال: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾ [الحج: ٢٦] وشرف الله المساجد بإضافتها إليه ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٤] وسماها النَّبيُّ ﵊ بيوت الله "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله" (^١) وهذا لا شك تشريف للمضاف.
٥ - ومن فوائدها: بيان نعمة الله على هؤلاء العباد، حيث أخلصهم لنفسه فلم يكن لهم مقصود إلَّا الله ﷿.
فإن قال قائل: أليس هؤلاء العباد لهم مقصود؟ فهم يأكلون قصدًا ويشربون قصدًا ويتمتعون بالمساكن وبالنساء قصدًا، فقد دخل في قصدهم قصد ما سوى الله، فما الجواب؟
الجواب: أنهم يتقربون إلى الله بهذا القصد. فمثلًا في الأكل: يأكل الإنسان تشهيًا بلا شك شهوة ودفعًا للضرورة، لكن يمكن أن يكون هذا الأكل عبادة من وجوه:
أولًا: إذا قصد به امتثال أمر الله؛ لأنَّ الله أمر بالأكل والشرب.
ثانيًا: إذا قصد به حفظ صحته وقيامِ بنيته؛ لأنَّ الإنسان مأمور بمراعاة نفسه، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾. [النساء: ٢٩]
(^١) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على القرآن وعلى الذكر (رقم ٢٦٩٩) (٣٨).
1 / 170