تفسير العثيمين: الروم

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
43

تفسير العثيمين: الروم

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (٩) * * * قَالَ اللهُ ﷿: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [الروم: ٩] * * * قال المُفَسِّر ﵀: [﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ مِنْ الأمَم وَهِيَ إهْلَاكهمْ بِتكْذِيبِهِمْ رُسُلهمْ ﴿كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ كَعَادٍ وَثَمُود ﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾ حَرَثُوهَا وَقَلَّبُوهَا لِلزَّرْعِ وَالغرْس ﴿وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ أَيْ كُفَّار مَكَّة ﴿وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالحجَجِ الظّاهِرَات ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ بِإِهْلَاكِهِمْ بِغَيْر جُرْم ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بِتكْذِيبِهِمْ رُسُلهمْ] اهـ. قوْله ﷾: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ معْطُوفٌ عَلَى قوْلِه تَعالَى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾، فالتّفَكُّر في خلْقِ السّموَاتِ وَالأرْض، والسّيرُ في الأرْض فقَط، ثمَّ السّيْرُ في الأرْضِ إِمَّا أنْ يكُونَ سيْرًا بالأقْدَامِ أوْ سَيْرًا بالأفْهَامِ، فَإنْ كانَ سيْرًا بالأفْهامِ فَهُو داخِلٌ فِيما سبَقَ، وقَدْ نَقُولُ: إِنَّ هَذا أخَصُّ مما سَبَقَ؛ لأنَّهُ قَال هُنَا: ﴿فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾، فهُوَ نَظَرٌ في حوَادِثَ لَا في خلْقِ الأرْض؛ فتكُونُ هَذِهِ الآيَة منفصَلِةً عَنِ التي قبْلَها مِن حيْثُ المعْنَى، فالأُولى تفْكِيرٌ؛ وَلِهَذا جاءَ متعلِّقُها

1 / 49