تفسير العثيمين: الروم
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآيتان (٣٤، ٣٥)
* * *
* قال اللهُ ﷿: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ [الروم: ٣٤، ٣٥].
* * *
* قولُه تعالى: ﴿لِيَكْفُرُوا﴾: (اللام) هنا للعاقبةِ، يعني أنهم بإشراكِهم صارَ عاقبتُهم الكفرَ بما آتاهم الله ﷿ وقوله: (آتاهُم) أي أعطاهُم.
وهل الباء في ﴿بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ للسببيَّة، أو للتخصيص بمعنى أنهم يَكْفُرُونَ بِهَذا الشَّيء؟
الجواب: يحتملُ أنْ تكونَ للسببيةِ، أي بسببِ ما آتاهم الله تَعالَى من الرَّحمة والإنقاذ من الشّدة، صار ذَلِك سببًا لأشرهم وبطرهم وكفرهم، كما هي عادة الإنسان إلا من عصمه الله ﷿ أو يُقَال: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾، أي: يكفروا بِهَذا الشَّيء الَّذي آتيناهم حيْثُ لا يؤدونَ شُكرَه، وكان الواجبُ عليهم أن يؤدوا الشُّكر للهِ ﷾.
وقوْله ﷾: ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾: هَذا يسمونَه في البلاغة التِفاتًا، يعني لم يقل: وليتمتعوا، كما قال في آية أخرى، ولكنه أمرهم أنْ يتمتعوا، والأمرُ هنا للتهديدِ كما قال المُفَسِّر ﵀: [﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ أريدَ به التَّهديد ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾]؛ فالأمر هنا للتهديد وليس للإباحة، والدَّليل عَلَى ذَلِك قوْله تَعالَى: ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾.
1 / 205