161

تفسير العثيمين: الروم

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

ألَيْس الله يقُولُ: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال: ٢١]، وقَالَ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨]، أَوْ ﴿لَا يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧٠].
المُهِمُّ: أنَّ نفْيَ العِلْم لمَنْ لم ينتفِعْ بِه صَحِيحٌ كنَفْي السَّمْع عمَّنْ لم ينتفِعْ بِه، والحاصِلُ أنَّ المُتَّبعِينَ لأهْوَائِهم ينْقَسِمونَ إِلَى قِسْمَيْنِ:
* قسْمٌ جاهِلٌ حقًّا، بَنى هَواهُ عَلَى الضَّلالِ، وَيُمْكن أنْ نُمَثّل لهَوُلاءِ بالنَّصارَى؛ فإِنَّ النَّصارَى ضالُّون.
* وقِسْمٌ آخَر مُسْتكْبِرٌ مُعانِدٌ، فهَذا في الحقِيقَةِ لا عِلْم عنْدَهُ، وإن كَان لَهُ علْمٌ فإِنَّهُ لَا ينْفَعُه، بلْ ضرَّه كاليَهُودِ.
قوْله تَعالَى: ﴿فَمَنْ يَهْدِي﴾: (مَن) اسمُ اسْتِفْهامٍ، والمُرادُ بالاسْتِفْهامِ هُنا النّفْيُ، والقَاعِدَةُ أنَّ الاسْتِفْهامَ إِذا جَاء بمَعْنى النَّفْي صارَ مُشَرَّبًا بالتَّحدّي؛ لأنَّك إِذا قُلْت: مَنْ يفْعَلُ كذَا، أعظْمُ مَما إِذا قُلْت: لَا أحَدَ يفْعَلُه، كأَنَّك تقُولُ: هَذَا أمْرٌ لا يُمْكِنُ، فإِنْ كُنْت صادِقًا فَأَرِني مَنْ يفْعَلُه، فإِذا جَاء الاسْتِفْهامُ بمَعْنى النَّفي صَار أبْلَغ مِن النَّفْي المُجَرَّدِ؛ لأَنَّ الاسْتِفْهامَ بمَعْنى النَّفْي مُشرَّبٌ مَعْنى التَّحدِّي.
وقوْله تَعالَى: ﴿مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾: ﴿اللَّهُ﴾ فاعِلٌ، والمَفْعُول محذُوفٌ، والتَّقدِيرُ: مَنْ أضَلَّهُ الله، وَهَذا المفْعُول هو عائِدُ المَوصُولِ الَّذِي يعُودُ إِلَيْهِ.
قوْله تَعالَى: ﴿فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾: قال المُفَسِّر: [أَيْ لَا هَادِيَ لَهُ]، فسَّر الاسْتِفْهامَ بالنَّفْي، وهُو حَقٌّ لكِنَّهُ أبْلَغُ مِن النَّفي المُجرَّدِ.
قالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ مَانِعِينَ مِنْ عَذَابِ الله]: الظَّاهِرُ أنَّ (الوَاو) هُنا للاسْتِئْنافِ؛ لأَنَّ الجمْلَةَ خبِريَّةٌ، والتي قبْلَها إنْشائِيَّةٌ، لأَنَّ الاسْتِفْهامَ

1 / 167