تفسير العثيمين: النور

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
59

تفسير العثيمين: النور

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

يُغَذِّيه ويُنَمِّيه ويَذكره في المجالس ويُوغِرُ الصُّدور به، وهو عبد الله بن أُبي -لعنه الله- وهو جدير بمثل هَذِه الخِسَّة؛ لأنَّه منافقٌ بل هو رأسُ المُنافِقِينَ، وهو يتمنى أن يقع مثل هَذَا الْأَمْر ليجدَ فيه مَنْفَذًا للطعن بالنبي ﷺ وبفِراشه وبخاصة أصْحابه. وقَوْلهُ: ﴿لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، معنى الْعَذَاب العُقوبة، و﴿عَظِيمٌ﴾ أي عَظِيمٌ في قدره، وعَظِيم في نوعه وجنسه، وعَظِيم في أمده، فإنَّه -والعِيَاذ باللهِ- في الدَّرْكِ الأسفل من النَّار، ولا يوجد أحد من أهل النَّار أسفل من المُنافِقِينَ، ورأس المُنافِقِينَ في هَذِهِ الأُمَّة عبد الله بن أُبي، فيَكُون هو أسفل مَنْ في الدَّرْكِ الأسفل من النَّار؛ ولذَلك عَظُمَ عَذابه -والعِيَاذ باللهِ- في شكله ومدته وفي قدره. بقي: هل حُدَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تكلموا؟ الجواب: ما حَدَّ النَّبِيُّ ﵊ منهم إلَّا المُؤْمِنِينَ فقط، وهم: حسَّانُ بن ثابت ﵁، ومِسْطَح بن أثاثَةَ، وحَمْنَةُ بنت جَحْشٍ أختُ زينَبَ بنت جَحْشٍ زوج الرَّسُول ﷺ. وزينبُ ﵂ مع أنَّها ضَرَّةُ عَائِشَة ﵂، لما سألها النَّبِيُّ ﷺ عن عَائِشَة أَثْنَتْ عَلَيْها خيرًا، وأما أختها فهلكت فيمن هلك، فحَدَّهُم النَّبِيُّ ﵊ حَدَّ القَذْفِ ثمانين جَلْدَةً. وأمَّا المُنافِقُونَ فلم يحدهم النَّبِيُّ ﵊، رُبَّما لأَنَّ الحدَّ تطهيرٌ وكَفَّارة، والمُنافِقُونَ لَيْسَوا أهلًا للتَّطهير ولا للكَفَّارة، فعبد الله بن أُبي كَانَ رَسُول الله ﷺ يعلم نفاقَه، وهَذَا تعليلٌ واضح من حيث المَعْنى، لكن من حيث الواقِع قد يَكُون غير واضح؛ لأَنَّ المُنافِقِينَ يظهرون أنهم مُسلِمونَ، فكان يَنْبَغِي أن تجري عليهم أحكامُ الإِسْلام الظَّاهِرة وتُوكَلُ سرائرُهم إلى الله ﷿.

1 / 64