تفسير العثيمين: النور

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
56

تفسير العثيمين: النور

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

لما حَصَلَ الَّذِي حصلَ، وجد عبد الله بن أُبي بن سَلُولَ ونُظَرَاؤُه من المُنافِقِينَ مُتَنَفَّسًا يتنفسون منه الصُّعداء للقَدْح في النَّبِيِّ ﷺ، فجعلوا يتكلمون: ما الَّذِي أتى به؟ ما الَّذِي خلَّفه؟ ما الَّذِي خلَّف عَائِشَة؟ ثم صاروا يجمعون الحَديث ويصوغونه ويزخرفونه حَتَّى شاع الخبر وانتشر. تَألَّمَ النَّبيُّ ﵊ ولابُدَّ أن يَتَألَّمَ، تَألَّمَ في الحَقيقَة من وجهين: أولًا: لأنَّ عَائِشَة ﵂ فِراشُه وأَحَبُّ نسائِه إلَيْه، وهو يحبها وهي تحبه. ثانيًا: أنَّها ابنةُ أَعَزِّ النَّاس إلَيْه أبي بكر الصِّديق ﵁ فكَيْفَ يقع هَذَا الْأَمْر وكَيْفَ يَكُون؟ ولذا ضاقت على النَّبِيِّ ﷺ الضَّائقة، حَتَّى إنَّه مع شدة صبره ومع فهمه لأهله ونزاهتهم وبعدهم عما رُموا به دخل علَيْه مما دخل، فصَارَ يستشير بعض أصْحابه: هل يُفارِق عَائِشَة أو لا يُفارقها؟ فمنهم من يشير علَيْه بعدم المفارقة ويقول: أهلك يا رَسُول الله لا نعلمُ إلَّا خيرًا، ومنهم من أشار علَيْه بالمفارقة لما رأى تأذيه ﷺ وقال: إنَّه إِذَا فارقها يستريح. وممن أشار بِذَلِك عليّ بن أبي طالب ﵁ ابن عم النَّبِيِّ ﵊؛ لأنَّه قريب النَّبِيِّ ﵊، فقد رأى من النَّبِيِّ ﵊ مشقَّةَّ عظِيمةً وأذىً كبيرًا فقال: لعله إِذَا طلقها يستريح ويطمئن، لكن كبار الصَّحابَة ﵃ قالوا: هَذَا أمر لا يُمْكِن، وممن أشار علَيْه بأن يمسكها ولا يطلقها أسامةُ بن زيدٍ ﵄. عَلَى كُلِّ حَالٍ بَقِيَ الْأَمْرُ هكذا في زعزعةٍ وقلق وشدة إلى تمام الشَّهر، عَائِشَة ﵂ ما كَانَت تعلم بما يقول النَّاس، ولا تدري عنه شيئًا؛ لأنَّها كَانَت مريضةً،

1 / 61