تفسير العثيمين: النور

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
43

تفسير العثيمين: النور

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

يعني لازمًا، فهُنا لَوْلا تحتاجُ إلى جوابٍ، وجوابُها مُقَدَّر، فما جوابُ لَوْلا في قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾؟ الجوابُ: يَقُول المُفَسِّر ﵀: [لِيُبَيِّنَ الْحَقَّ فِي ذَلِك، وَعَاجَلَ بِالْعُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا]. المُفَسِّر ﵀ قَصَرَ هَذ الآيَة، أي قَوْلهُ: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ على قصَّة المتلَاعِنَيْنِ، يعني: لَوْلا أن الله تَفَضَّلَ علَيْنا ورحِمَنا لَبَيَّنَ الحقَّ في ذَلِك؛ أي: بَيَّنَ كَذِبَ الزَّوجِ إن كَانَ كاذبًا، وكَذِبَ المَرْأَة إن كَانَت كاذبةً، وعاجَلَ بالعُقوبَةِ من يستحقُّها من أحَدهما؛ لأَن أحَدهما كما قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لما تلاعنا: "اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا لَكَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ" (^١)، يعني يُعَرِّضُ لهما بالتَّوبةِ يَقُول: أحدُكما كاذبٌ؛ الزَّوجُ أو الزَّوْجَة، وهَذَا صحيحٌ، ويعرِض عليهما التَّوبةَ لعلَّ أحدَهما يتوبُ. فالمُفَسِّر ﵀ يرى أن هَذه الآيَة خاصةٌ بقصةِ المتلَاعِنَيْنِ، والصَّواب أنَّها عامَّةٌ فيها وفي غيرها؛ لأَن الله لم يقيِّدْها بل قَالَ: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ ولم يقل في ذَلِك، ثم العِبرةُ بعُمومِ اللفظِ لا بخُصوصِ السَّببِ. إِذَنْ يَكُونُ الجوابُ المقدَّرُ غيرَ ما قدَّره المفسرُ، نقول: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ ما حصلَ لكم هَذ المَصالِحُ، وما حصلَ الَّذِي حصلَ من هَذَا التيسيرِ وهَذَا التَّشْريع الحَكِيم، وما انتفت عنكم تِلْك المفاسدُ، وهَذَا أعَمُّ مما قاله المُفَسِّر ﵀.

(^١) أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب يبدأ الرجل بالتلاعن، حديث رقم (٥٣٠٧)، عن ابن عباس، ومسلم، كتاب اللعان، حديث رقم (١٤٩٣)، عن ابن عمر.

1 / 48