تفسير العثيمين: النمل
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
والثَّالث أن يُقال: إِنَّهُ لَيْسَ لها معنى.
وإذا أُورد علينا: كيف نَجزِم بذلك؟
فالجوابُ: أنَّ هَذَا الْقُرْآن نزل بلغةِ العربِ، ولغةُ العربِ لا تجعل لهَذَه الحروفِ معنًى، لكِن إذا قُلْنَا بأنه لَيْسَ لها معنى فَإِنَّمَا لها مَغزى، يَظهرُ -واللهُ أَعْلَمُ- أن اللهَ أراد بها ذلك.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿تِلْكَ﴾ هَذه الآيات ﴿آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾ آياتٌ منه ﴿وَكِتَابٍ مُبِينٍ﴾ مُظْهِر لِلْحَقِّ مِنَ الباطِل، عَطْف بزيادةِ صِفة، هُوَ ﴿هُدًى﴾ هادٍ مِنَ الضَّلَالةِ].
قوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾ المشارُ إليه لاحِق وَلَيْسَ بسابقٍ، وهَذَا ممَّا تعود فِيهِ الإشارةُ عَلَى متأخِّرٍ لفظًا ورُتْبَةً، وَهُوَ جائز إذا دلَّ الدَّلِيل عليه.
وقوله: ﴿آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾ يَقُول ﵀: [آياتٌ منه]، وإنما لَجَأَ المُفَسِّر إِلَى قوله: [آياتٌ منه]؛ لأنَّنا لو أخذنا بظاهرِ الآيَةِ: ﴿آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾ لكان فِي ذلك حَصرٌ للقرآنِ بهَذه الآيَات، ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾ يَعْنِي: هَذَا الَّذِي نشير إليه، ومعلومٌ أنَّ هَذَا لَيْسَ آياتِ الْقُرْآن كلَّها، ولكِنَّه بعض منها.
ويجوز أيضًا أن نجعلَ الآيةَ عَلَى ظاهِرِها ولا حاجة إِلَى التأويلِ، ونَقُول: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾ يشار إِلَى بعض الجنسِ بإشارة الجنسِ كلِّه، كما تقول مثلًا: هَذَا البشر، وتشير إِلَى رجل واحدٍ، أو هَذَا الْإِنْسَان وتشير إِلَى رجلٍ واحدٍ.
فالمَعْنى أنَّ الإشارة إِلَى بعضِ الجنسِ بالجنسِ كلّه هَذَا سائغٌ، ولا يحتاج إِلَى تأويلٍ كما قَالَ المُفَسِّر ﵀.
وقوله: ﴿وَكِتَابٍ مُبِينٍ﴾ يَقُول ﵀: [عطف بزيادة صِفَة، هُوَ ﴿هُدًى﴾]، عطف عَلَى (الْقُرْآن).
1 / 11