تفسير العثيمين: النمل

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
44

تفسير العثيمين: النمل

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

من الأحكام فَإِنَّهُ يجوز لنا أنْ نَتَّبِعَه وأنْ نَقْتَدِيَ به؛ لِقَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]. كذلك نَعتبِر بما جَرَى منَ العواقب للرسُل وأتباعهم، وما جَرَى من العواقب لمخالفيهم، ومعلومٌ أن عاقبةَ الأوَّلينَ عاقبةٌ محمودةٌ، وعاقبةَ الآخِرين عاقبةٌ سيِّئة. فمن جُملة القَصَص الَّتِي كثُر ذِكْرُها فِي القرآن قِصَّة موسَى، ولا غَرْوَ أنْ يكْثُر فِي السورِ المَدَنِيَّة؛ لِأَنَّ المَدينَةَ كَانَ بها طائفة منَ اليهودِ حَتَّى يَتبَيَّنَ أمرُهم، ولهذَا فُصِّلَت أحوالهم كثيرًا فِي سورة البقرةِ، وَأَمَّا ذِكرُ قِصَّة موسى فِي السورِ المكّيّة كهَذه السُّورَة فإن فائدتها التوطِئَة والتمهيد للنبيِّ ﷺ حَتَى يَكُون عَلَى بَصيرةٍ من أمرِهِم. وهَذَا التوجيه -وَهُوَ الاستعدادُ للمُسْتَقْبَلِ- سَلَكَهُ النَّبِيّ ﷺ أخذًا بتوجيهِ الْقُرآنِ حينما قَالَ لمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: "إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كتَابٍ" (^١). وقوله: ﴿إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ﴾ وقد تكلَّمنا عَلَى موسى ﷺ وَأنَّهُ موسى بنُ عِمْرَان وَأنهُ أفضلُ أنبياءِ بني إسرائيلَ. قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿لِأَهْلِهِ﴾ زوجته عندَ مَسِيرِهِ مِن مَدْيَنَ إِلَى مِصْر]، يَقُول ﵀: زَوْجته، أفلا يَحتمِل أن يَكُون زوجته وأُمّه وأباه ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟ نَقُول: لا؛ لِأنَّهُ خرجَ من مِصْرَ وحيدًا، ثُمَّ الْتَقَى بالمرأتينِ، ثُمَّ اتصلَ بأبيهما، ثُمَّ زَوَّجَه عَلَى أن يَأْجُرَهُ ثمانيَ حِجَجٍ، وانتهتِ الحِجَج. وبهَذِهِ المناسبةِ بعض النَّاس يَظُنُّون أنَّ صاحبَ مَدْيَنَ هُوَ شُعَيْبٌ النبيُّ،

(^١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل ﵄ إلى اليمن قبل حجة الوداع، حديث رقم (٤٠٩٠)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، حديث رقم (١٩)، عن ابن عباس ﵄.

1 / 48