تفسير العثيمين: النمل
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٥١)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١)﴾ [النمل: ٥١].
* * *
﴿فَانْظُرْ﴾ الخِطَاب للنبيّ ﷺ أوَّلًا، أو لمَن يَصِحُّ خِطَابُه، يعني ﴿فَانْظُرْ﴾ أيُّها المخاطَب أو ﴿فَانْظُرْ﴾ يا مُحَمدُ، وَهُوَ رأسُ هَذِهِ الأُمَّة وقائدها وإمامها، فيَكُون خِطَابه خِطابًا للأمَّة أيضًا.
﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ﴾: ﴿كَيْفَ﴾ هَذِهِ اسمُ اسْتِفْهامٍ مُعَلِّقَةٌ لـ (انْظُر) عن العَمَلِ، ولهَذَا نَقُولُ: إنَّ مَحَلَّها النصبُ خبر كَانَ مُقَدَّمًا، وجملة كَانَ واسمها وخبرها فِي محَلّ نصب مَفْعُول لـ (انْظُرْ).
وقوله: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ﴾ العاقبة ما يَعْقُبُ الشَّيْءَ، يعني انْظُر ماذا يَعْقُبُ مكرَهم مِنَ الأَمْرِ ﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾ قَالَ المُفَسِّر ﵀: [أهلكِناهم]، وفيها قراءتانِ (^١): فتحُ الهمزة ﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾، وكسرها "إِنَّا دَمَّرْنَاهُم"، أَمَّا كسرها فهي كقولِهِ تَعَالَى: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [القمر: ٣٠ - ٣١]، فتكونُ عَلَى قراءةِ الكسرِ مستأنفةً لبَيَان هَذِهِ العاقبةِ ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ﴾ كَأن الذهنَ الْآنَ يَتَشَوَّف إِلَى هَذِهِ العاقبةِ، وجيء بالجملةِ
(^١) الحجة في القراءات السبع (ص: ٢٧٢).
1 / 297