تفسير العثيمين: النمل
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
مفروضةً، وحتى الصوم والحجُّ أيضًا مفروض.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ يَعْلَمُونها بالاستدلالِ، وأُعيدَ (هم) لما فُصِلَ بينه وبين الخبر].
قوله: ﴿وَهُمْ﴾ مُبتدَأ و﴿يُوقِنُونَ﴾ خَبَره، و﴿بِالْآخِرَةِ﴾ متعلِّق بـ (يُوقِنون)، ولكِن كلمة ﴿هُمْ﴾ أُعيدتْ مرَّة ثانيةً، فهل هَذَا من بابِ التَّوْكيدِ ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ يعني ﴿وَهُمْ﴾ همُ الَّذِينَ يوقنون دونَ غيرِهم، أو أنَّهُ كما قَالَ المُفَسِّر: للفصلِ بينه وبين الخبرِ، والفاصلُ قوله: ﴿بِالْآخِرَةِ﴾؟
يَحتمل هَذَا وهَذَا، وقد يجوز أن يَكُونَ المُراد الجميع، فبيَّن الله ﷾ أَنَّهُم هم أهلُ الإيقانِ، حَيْثُ كرَّر الضَّمير مرتينِ، وكُرِّرَ أيضًا مرتينِ لِطُول الفصلِ بين الخبرِ وبين المبتدأِ بالفاصلِ.
ولكِن الإيقان يَقُول المُفَسِّر: [يعلمونها بالاستدلالِ]، إِنَّمَا قَالَ ﵀: بالاستدلال؛ لِأَنَّ الْتقين أخصُّ منَ العلمِ؛ إذ إن الْيقين معناه: العِلم الَّذِي لا يَتَطرّق إليه الاحتمالُ، فَهُوَ أعلى درجاتِ العلمِ، وهَذَا إِنَّمَا يَكُون بالاستدلالِ، يعني بالأدلَّة المُبيِّنَةِ المقنِعة، فلهَذَا فسَّر المُفَسِّر الْيقينَ بأنه: العِلم بالأَشْيَاء عن طريق الاستدلالِ.
وقوله: ﴿بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ هل المُرادُ بالآخِرَة أنَّهُ يُبعث النَّاس فقطْ؟
نَقُول: لا، فكُلّ ما أخبرَ الله تَعَالَى به ممَّا يَكُون فِي هَذَا اليوم أو أخبر به رسولُه فَإِنَّهُ داخل فِي الآخِرَةِ، بل إن شيخ الإِسْلام ﵀ يَقُول: إِنَّهُ يدخل فِي الإيمان باليوم الآخِر كُلّ ما أخبر به النَّبِيّ ﷺ مما يَكُون بَعْد الموت (^١).
_________
(^١) انظر: العقيدة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٥).
1 / 24