الفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: فصاحة هَذِهِ النَّمْلة ونُصْحها وذكاؤها؛ لِأَنَّ الكَلامَ الَّذِي قالتْه يَتَضَمَّن هَذَا كله، فهي من بلاغتها استعملتْ فِي كُلّ مكانٍ ما يُناسِبُه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّمْلُ﴾ أتت بالياء لمناداة البعيد؛ لِأَنَّ النمل لَيْسَ كله قريبًا مِنْهَا، بل بعضه بعيد وبعضه قريبٌ، ومن كمالِ نُصْحها: إرشادها إِلَى المخابئِ والملاجِئِ؛ لِقَوْلهِا: ﴿ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾.
ومن كمال ذكائها: أَنَّهَا استعملتِ العباراتِ المثيرةَ المزعِجة، فِي قولها: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾.
وأيضًا من عَدلها أَنَّهَا قالت: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.
فتضمَّن هَذَا الكَلام أنواعًا كثيرة من البلاغةِ والفصاحةِ والنصحِ والتحذيرِ والتعذيرِ وغير ذلك مما مرَّ فِي الشرحِ.
الفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: فِي هَذَا أيضًا عَظَمَةُ مُلْكِ سُلَيْمَان وجنوده؛ لِأَنَّ النَّمْلة عَرَفَتْ ذلك وحذَّرتْ منه.
* * *