تفسير العثيمين: الشعراء

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
69

تفسير العثيمين: الشعراء

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (٢٦) * * * * قال الله ﷿: ﴿قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ٢٦]. * * * قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿قَالَ﴾ مُوسَى: ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ وهذا وإنْ كَانَ داخلًا فيما قبلَه يَغِيظُ فِرْعَوْن]. مُوسَى ﵇ أسلوبه أسلوبٌ حكيمٌ: أتى أوَّلًا بالربوبيَّة العامَّة للسماوات والأرضِ وما بينهما، ثم أتى للربوبيَّة الخاصَّة لِفِرْعَوْنَ الَّذِي يَدَّعي أَنَّهُ ربُّه، وقال: ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾، إشارة إِلَى أنكم أنتم أتيتم مِن آبائكُم، ومَن أتَى مِن أبٍ فكيفَ يُمْكِن أنْ يكونَ رَبًّا؟ ! هُوَ مخلوقٌ مِن نُطْفَةٍ. فكأنه يقول: ارْجِعُوا إِلَى أَصْلِكُم، فالله تعالى ربُّكم أنتم الَّذين تَدَّعُونَ أنَّكم أربابٌ وربُّ آبائكم الأوَّلين الَّذين أتيتم منهم، فيذكّرهم بأصلِهم؛ لِيَذْكُروا أَنَّهُم كانوا محدَثين، وأنَّهم لا يَصْلُحُونَ لِأَنْ يكونوا أربابًا، وهذا مِن حُسن الجَوابِ، وفي الحَقِيقَةِ كلُّ جَوابٍ يقوله مُوسَى فهو حُجَّةٌ قاطعةٌ تَدْمَغُهم، ولكن - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ - مَن لم يُوَفَّقْ بالحقِّ فَإِنَّهُ لا يَنْتَفِع بِهِ ويَسْتَكْبِر عنه. قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ وهذا وإنْ كَانَ داخلًا فيما قبلَه يَغيظ فِرْعَوْن]، وفي الحَقِيقَة هَذَا كَلامٌ لَيِّن من المُفسِّر، ولو قَالَ: هَذَا أيضًا إقامة حُجَّة أُخرى عَلَى فِرْعَوْن أَنَّهُم مَرْبُوبُونَ، وأنَّهم مخلوقونَ من أصلابِ آبائهم

1 / 74