تفسير العثيمين: الشعراء

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
55

تفسير العثيمين: الشعراء

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (١٩) * * * * قالَ الله ﷿: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٩]. * * * قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ﴾ وهي قَتْلُهُ القِبْطِيَّ]، ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ﴾ أبهمها تعظيمًا لها، والإبهامُ يأتي للتَّعْظيمِ أحيانًا، كما فِي قوله تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١ - ٢]، وقوله: ﴿فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ [طه: ٧٨]، هَذَا إبهامٌ يُراد بِهِ التعظيمُ، وهنا قَالَ: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ﴾ ولم يَقُلْ: قَتَلْتَ القِبْطِيَّ؛ إشارةً إِلَى تعظيمها، وأضافها إليه من بابِ التقريرِ، يعني: إنك فعلتَ تلك الفعلةَ الَّتِي لم يَفْعَلْهَا سِواك، وهي قَتْلُهُ القِبْطِيَّ، الَّذِي كَانَ فِي مشاجرةٍ معَ الإِسْرَائِيليّ. قال تعالى: ﴿وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾، الجُملة حالٌ من الضَّميرِ فِي ﴿فَعَلْتَ﴾. قال: ﴿وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ الكافرين: لَيْسَ بالله؛ لِأَنَّهُ لا يؤمنُ باللهِ، ولكن من الكافرينَ بفِرْعَوْن؛ لِأَنَّ مُوسَى لم يَتَّخِذْهُ إلهًا كما اتَّخَذَهُ الأقباطُ. قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ الجاحدينَ لِنِعْمَتِي عليك بالتربيَة وعدمِ الإستعبادِ]، فهذا ما ذهبَ إليه المُفسِّر؛ أنَّ المُرادَ بالكفرِ هنا كفرُ النعمةِ، وذلك جحده لما مَنَّ بِهِ فِرْعَوْن عليه من التربيةِ، وعدم الإستعباد، كما استعبد بني إِسْرَائِيل، ولكن الَّذِي ينبغي أن نقولَ: هِيَ أعمُّ ممَّا قال المُفسِّر، بل كذلك - وهي الأهم عند فِرْعون - أَنَّهُ كفرَ بِعُبُودِيَّتِهِ، فلم يَتَعَبّد له.

1 / 60