تفسير العثيمين: الشعراء

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
49

تفسير العثيمين: الشعراء

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

بالعُتُوِّ والجَبروتِ؛ وذلك لِأَنَّهُ لا يزيد الأمر إلا شدَّة، فيقابل باللين حَتَّى تقوم عليه الحُجَّة. قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا﴾ كُلًّا مِنَّا ﴿رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾]، قدّر المُفسِّرُ (كلًّا مِنّا) لأجل التناسُبِ مع المبتدأِ الَّذِي هُوَ اسْم (إن)، والخبر الَّذِي هُوَ رسول: ﴿إِنَّا رَسُولُ﴾، وفي آيةٍ أُخرى: ﴿إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ﴾ [طه: ٤٧]، هكذا بالتثنيةِ، وهنا بالإفرادِ، فخرّج المُفسِّرُ الآيةَ عَلَى أنّ المَعْنى: كلّ واحد منّا، كما فِي قوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: ٧٤]، أي: اجعل كلَّ واحدٍ منهم. هَذَا أحدُ الوجوهِ. وجهٌ آخرُ أنَّ ﴿رَسُولُ﴾ بمَعْنى الرِّسالَةِ، أي بمَعْنى اسْم المصدرِ، والمصدرُ إذا وُصِفَ بِهِ يَستوي فيه المفردُ وغيرُه. ووجه ثالثٌ أن يُقالَ: إنّ الأَصْل فِي الرِّسالَةِ مُوسَى، وَهُوَ واحدٌ، وهارون مُعِين ووَزير، وإلَّا فالأَصْل أن مُوسَى هُوَ الرسول، كما يوجد فِي آياتٍ كثيرةٍ ذِكْر مُوسَى بدونِ ذِكر هارونَ. وقوله: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ولم يقلْ: "إنا رسول الله"؛ لأنَّهما سيقابلان شخصًا يدّعي الربوبيَّة وأنه الربّ، فيتبين له من أولِ الأمرِ أنَّ الربوبيَّة ليستْ له وإنَّما هِيَ للهِ. والعالمَون: كل مَن سِوى الله فهو عالم، وكلُّ المخلوقاتِ عالمٌ، ومع ذلك رُبّما تُضاف إِلَى أنواعِها، ويُقال: عالم البشر، عالم الجنّ، عالم الإبل، عالم كَذَا وعالم كذا، لكن إذا جمعتَ هكذا شملتْ جميع أنواعها، فكل مَن سوى الله فَإِنَّهُ عالمٌ، قالوا: وسُمُّوا عالمًا لأنَّهم علَم عَلَى خالقهم.

1 / 54