تفسير العثيمين: الشعراء
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
لا يمكنُ أن تكونَ سُورَةٌ باسْم بني إِسْرَائِيل، يعني سُورة اليَهود، فأنكروا هَذَا الشَّيْء.
وقلنا: إن القومِيِّين أثبتوا أن اليَهودَ قتَلُوا عيسى بنَ مَرْيَمَ، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ﴾ [النِّساء: ١٥٧].
يقول المُفسِّرُ ﵀: [مَكِّيَّة]، والمكيُّ هُوَ الَّذِي نزلَ قبلَ الهجرةِ عَلَى القولِ الصَّحيحِ، يعني: فالمُعْتَبَر الزمنُ لا المكانُ.
قوله ﵀: [إلا ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ إِلَى آخِرِها]، وهي أربع آيات: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤ - ٢٢٧]، وهذا الإستثناء لَيْسَ بمقبولٍ إلَّا إذا دلّ الدَّليلُ عليه، والدَّليل عليه تارَةً يكون بالنقلِ، وتارَةً يكون بالمَعْنى، والمَعْنى قد يكون واضحًا وقد يُنازَع فيه.
فهنا المُفسِّرُ استثنى هَذِهِ الآيَاتِ الأربعَ بقرينةِ السياقِ؛ لِأَنَّ قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]، قيل: لَمّا نزلت ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤]، تأثر لها حَسَّان ﵁ فأنزل الله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] (^١)، والإنْتِصار بعد الظُّلم كَانَ فِي المدينةِ وليسَ بمكَّةَ، ومِن ثمَّ قالوا: إن هَذِهِ الآيَات مَدَنِيَّة.
_________
(^١) تفسير الطبري (١٩/ ٤١٨).
1 / 8