تفسير العثيمين: الشعراء
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٥)
* * *
* قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ [الشعراء: ٥].
* * *
يقول المُفسِّر ﵀: [﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ﴾ قرآنٍ ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ﴾ صِفَة كاشِفَة ﴿إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾]، (ما): نافية؛ بدليل قوله: ﴿إِلَّا كَانُوا﴾، وهذا الإستثناء مفرّق من عُمومِ الأحوالِ، يعني: لا يكونُ لهم من أيِّ حالةٍ منَ الأحوالِ سِوَى الإِعْراضِ.
وقوله: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ﴾، (مِنْ) زائدةٌ إعرابًا للتَّوكيدِ، والتَّقدير: ذِكرٌ، وقوله ﵎: ﴿مِنْ ذِكْرٍ﴾ قال المُفسِّر: (قرآن)، وسُمِّيَ القُرآنُ ذِكرًا لِأَنَّ بِهِ التذكُّرَ والتَّذكير أيضًا، فهو تذكيرٌ منَ اللهِ وتذكُّر من سامِعِهِ، ولهذا سُمِّي ذِكرًا، ووُصِف القُرآنُ مرَّةً ثانيةً بأنه ذو الذِّكْر، قال تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ [يس: ٦٩]، والقُرآن للذكرِ؛ فمرةً جعله ذِكرًا، ومرةً جعله ذا ذَكرٍ، ولا فرقَ بينهما فِي الواقع؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ بِنَفْسِهِ وتذكيرٌ، ولأنه ذو ذِكرٍ، أي: ذو تذكُّر، فمَن قرأهُ وحفِظه وتدبَّره تذكّر به، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ١٧].
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: ألا يكون كذلك القُرآنُ مُشْتَمِلًا عَلَى الذِّكر؟ أي فيه آياتٌ فيها أذكارٌ.
1 / 26