تفسير العثيمين: الشعراء
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٤)
* * *
* قالَ اللهُ ﷿: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤].
* * *
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ﴾ بمَعْنى المضارعِ، أي: تَظَلّ، أي: تَدُوم ﴿أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ فيؤمنون].
قوله: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ﴾ جملة شَرطيَّة، فِعل الشَّرط: (نَشَأْ) وجَوابه: (نُنَزِّلْ)، وفي الإتيانِ بهذه الصيغةِ: ﴿نَشَأْ نُنَزِّلْ﴾ من تعظيمِ اللهِ ﷾ لِنَفْسِهِ ما لا يَخْفَى؛ لِأَنَّهُ جعلَ الأمرَ هنا يَسيرًا عليه إذا شاءه، وأنه ﷾ بإرادته لم يفعلْ، ثم الإتيان بنونِ العظمةِ هُوَ تَعظيمٌ آخرُ أيضًا، فالله تعالى ما قَالَ: إذا شِئنا نَزَّلْنَا، قَالَ: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ﴾.
وقوله: ﴿مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ﴾ أي: عَلامَة، وهذه العَلامَة لا شكَّ أَنَّهُ لا يمكنُ لأحدٍ أنْ يأتيَ بمثلها - كما أشرنا إليه قريبًا - ثم إنها عَلامَة أيضًا ليستْ عَلَى قُدرة مَن هِيَ له، أو عَلَى انفرادِهِ بالخلقِ، ولكنها آيةٌ أيضًا عَلَى أَنَّهُم لم يُؤمِنوا، وعلى تهديدهم بالوعيدِ، ولهذا قَالَ: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ فلا تستطيع أن تمثّل هَذِهِ الآية لِأَنَّ الله ﷾ نكّرها، فهي آيةٌ ليستْ معلومةً لنا؛ لِأَنَّ الله لم يُنْزِلْها، لكنها آيةٌ تُخْضِعُهم، ولهذا قَالَ: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾.
1 / 22