تفسير العثيمين: المائدة
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الفائدة السابعة عشرة: الإشارة إلى ما وقع من قريش في غزوة الحديبية، لقوله: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ والآية فيها قراءتان كما تقدم أَن ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ﴾ وهذه القراءة لا إشكال فيها لأن ﴿أَنْ﴾ هنا للتعليل، يعني: لا يحملكم بغضهم من أجل صدكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، لكن الذي فيه إشكال هو قوله: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ فيقال: هذا شرط والشرط يكون للمستقبل.
فيقال في الجواب عن ذلك: إن معنى الآية إن تكرر صدهم إياكم، أو إن فرض أن يصدوكم فلا تعتدوا.
الفائدة الثامنة عشرة: إثبات حرمة المسجد الحرام لقوله: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، وقد استدل بعض العلماء بقوله تعالى: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ أن قول النبي ﷺ في تضعيف الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف يشمل جميع حدود الحرم؛ أي: كل ما كان داخلًا في حدود الحرم، ولكن هذا الاستدلال فيه نظر:
أولًا: أننا لا نسلم أن المراد بالمسجد الحرام هنا ما كان داخل حدود الحرم؛ لأننا لو سألنا: ماذا أراد رسول الله ﷺ ومن معه هل أرادوا أن يدخلوا إلى حدود الحرم فقط، أو أن يَصِلوا إلى مسجد الكعبة؟
الجواب: الثاني بلا شك، فيكون المعنى أنه ذكر أعلى ما يصدونهم عنه وهو الوصول إلى المسجد الذي فيه الكعبة.
ثانيًا: أن نقول: ما دام هناك دليل صريح واضح عن الرسول ﵊ أن المراد بما فيه التضعيف هو
1 / 32