تفسير العثيمين: المائدة
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
قوله: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ الإذن: هنا قدري، والإذن القدري بمعنى: المشيئة والإرادة، ويقابله الإذن الشرعي، مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩]، معلوم أن الله أذن لهم قدرًا لكنه لم يأذن لهم شرعًا، ومن الإذن الشرعي قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١]، ومن الإذن القدري قوله في هذه الآية: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ ومنها أيضًا قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، فالإذن نوعان: إذن قدري وإذن شرعي.
والفرق بينهما: أن الإذن الشرعي لا يكون إلا فيما يرضاه الله ﷿، والإذن القدري يكون فيما يرضاه وفيما لا يرضاه، هذا الفرق الأول.
والفرق الثاني: أن ما أذن به شرعًا فقد يقع وقد لا يقع، إذ إن الناس قد يمتثلون، وقد لا يمتثلون وأما ما أذن به قدرًا فلا بد من وقوعه.
قوله: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ الهداية إذا تعدَّت بـ "إلى" فهي هداية الدلالة، وعلى هذا فمعنى قوله: ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي: يدلهم إليه، وهذا يعني فتح أبواب العلم لهم حتى يعلموا ما لم يكونوا يعلمونه من قبل.
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الفائدة الأولى: خطاب اليهود والنصارى بأهل الكتاب، وقد يقول قائل: في هذا إكرام لهم وإعزاز لهم أن سماهم أهل الكتاب؟
1 / 210