تفسير العثيمين: الكهف
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
جامع، لأن الكَتْب بمعنى الجَمْع، ولهذا يقالُ: الكتيبةُ يعني المجموعةُ من الخيل، والقرآن صالح لهذا وهذا فهو مكتوبٌ وهو أيضًا جامع.
(لم يجعل له عوجا) لم يجعل لهذا القرآن عوجًا بل هو مستقيم؛ ولهذا قال:
(قَيِّما) وقيمًا حال من قوله: (الكتاب)، يعني: حالَ كونه قَيِّمًا. فإن قال قائل: "لماذا لم نجعلها صفة، لأن الكتابَ منصوبٌ وَقَيِّمًا منصوب؟ ".
فالجواب: أن قيمًا نَكِرة والكتاب معرفة ولا يمكن أن توصف المعرفة بالنَّكِرَة، ومعنى (قيما) أي: مستقيمًا غايةَ الاستقامة، وهنا ذَكَرَ نَفْيَ العيبِ أولًا ثم إثباتَ الكمال ثانيًا. وهكذا ينبغي أن تُخلي المكان من الأذى ثم تَضع الكمال؛ ولهذا يقال: "التخلية قبل التحلية"، يعني قبل أن تُحلِّي الشيء أخلِ المكان عمَّا ينافي التحلي ثم حَلِّه، وفي قوله تعالى: (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا (١) قيما). تنبيه. وهو أنه يجب الوقوف على قوله: (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا) لأنك لو وصلت لصار في الكلام تناقضٌ، إذ يوهمُ أن المعنى لم يكن له عوج قَيِّم.
ثم بيَّن تعالى الحكمة من إنْزال القرآن في قوله (لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حسنا)
الضمير في قوله: (لينذر) يحتملُ أن يكون عائدًا على (عبده) ويحتملُ أن يكون عائدًا على (الكتاب) وكلاهما صحيح، فالكتاب نَزل على الرسول ﷺ لأجل أن يُنذِر به، والكتاب نفسُه مُنذِر، ينذر الناس.
1 / 9