تفسير العثيمين: آل عمران
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾:
الجملة هنا استئنافية للتعليل والتوسل. يعني إننا إنما طلبنا منك هبة الرحمة لأنك أنت الوهاب، وأُتي بالضمير (أنت) ويسمى ضمير الفصل لثلاث فوائد:
١ - الفصل بين الصفة والخبر.
٢ - التوكيد.
٣ - الحصر.
و﴿الْوَهَّابُ﴾ يعني الكثير العطاء، وهذه صفة لازمة له، والذين يعطيهم الله كثيرون لا يحصون.
قال النبي ﷺ: "يد الله ملأى، سحَّاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم يَغِضْ ما في يمينه" (^١).
وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنَّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلَّا كما ينقص المخيط إذا غُمس في البحر" (^٢). وهذا لا ينقص البحر شيئًا! فالله ﷿ لا يحصي أحد هباته أبدًا حتَّى بالنسبة لك أنت بنفسك لا تحصي هبات الله لك، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤].
(^١) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾، رقم (٧٤١١). ومسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف، رقم (٩٩٣). (^٢) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم (٦٥٧٢).
1 / 54