تفسير العثيمين: آل عمران
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
• ثم قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (٤٠) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [آل عمران: ٤٠ - ٤١].
قال لما بشره الله ﷿: أنى يكون لي غلام وقد بلغني، يعني كيف؟ ليس استبعادًا ولا استنكارًا ولكن تثبتًا، وإلا فإنا نعلم أن زكريا ﵊ قد آمن بما بشره الله به ولا يمكن أن يستبعده، ولكنه قال ذلك من أجل التثبت، ذلك أن الإنسان ناقص في الإدراك والعلم، يحتاج إلى شيء يثبت له الأمور.
وإبراهيم ﵊ لا شك أنَّه يؤمن إيمانًا كاملًا بأن الله يحيي الموتى ومع ذلك قال: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠]، لأنه ليس الخبر كالمعاينة.
وقوله: ﴿أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾.
قال: ﴿غُلَامٌ﴾ مع أنه لم يولد بعد، لكن هذا باعتبار ما سيكون، والتعبير بما سيكون أمر سائغ في اللغة وارد في القرآن ﴿قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦]، يعني أعصر عنبًا يكون خمرًا؛ لأن الخمر لا يعصر، فعبَّر عن الشيء بما يؤول إليه.
ثم قال: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ﴾.
الواو هذه يسميها العلماء واو الحال؛ يعني أنها تدل على أن الجملة التي بعدها في موضع نصب على الحال، يعني والحال أنه قد بلغني الكبر، فهي حال من الياء في قوله: (لي).
1 / 244