239

تفسير العثيمين: آل عمران

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٣٥ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

تعالى قد قدر هذا الشيء الذي هو حصول مطلوبك أو زوال مكروهك مقرونًا بهذا السبب -أي بالدعاء- فيكون الدعاء مقدرًا والمدعو به مقدرًا من عند الله ﷿، لكن أنت لا تدري فعليك فعل السبب، ثم إننا نقول: إن الدعاء نفسه عبادة، فإذا رفعت يديك إلى ربك يا رب، هذا ذلٌّ وخضوع لله ﷿، وهو من أجلِّ العبادات.
ومن فوائد قوله ﷿: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.
١ - إثبات الملائكة، وأنهم عالم غيبي مخلوقون من نور، خلقهم الله ﷿ لما أعدَّهم له، فقاموا به على حسب ما أراد خالقهم ﷿، يسبحون الليل والنهار لا يفترون. وأخبر النبي ﵊ بقوله: "أطَّت السماء وحُق لها أن تئط -الأطيط: ما يسمع من صرير الرحل على البعير المحمل حملًا ثقيلًا- ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه مَلَك قائم لله أو راكع أو ساجد" (^١). وإنكارُ الملائكةِ حكْمُهُ الكفر؛ لأنه تكذيب للقرآن.
لو قال قائل: أنا لا أنكرهم وأقول فيهم ملائكة، لكن الملائكة هي قوى الخير، والشياطين هي قوى الشر، فأجعلهم معانٍ لا ذوات.
نقول: هذا أيضًا إنكار لهم؛ لأن الله قال: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ

(^١) رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب قول النبي ﷺ: "لو تعلمون ما أعلم"، رقم (٢٣١٢). ورواه أحمد، في مسنده، رقم (٢١٠٠٥).

1 / 241