180

تفسير العثيمين: آل عمران

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٣٥ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

والكافرين أمر ثابت، وأن الإنسان قد يستبعد أن يجعل الله في قلبه مودة لهذا الكافر، فقال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: ٧]، ﴿قَدِيرٌ﴾: بالنسبة لتقليب القلوب. ﴿غَفُورٌ﴾: بأن ييسر هؤلاء الكفار إلى الإِسلام، فيغفر لهم. وقد وقع؛ فإنه أسلم عام الفتح، وقبل عام الفتح، أمة من الكفار، وصارت العداوة في قلوب المؤمنين لهم مودة. * * * • ثم قال الله ﷿: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: ٣٠]. ﴿يَوْمَ﴾: ظرف زمان. تقديره: "اذكر يوم تجد" اذكر للناس وذكرهم بهذا اليوم العظيم. ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ والمراد بالكلية هنا: كلية النفوس المكلفة، وهم الإنس والجن؛ فإن هؤلاء مكلفون بعبادة الله؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، أما البهائم فإنها لا تجد ما عملت، لكن يوفى لها الظلم إن ظلمت، كما أخبر النبي ﷺ: "بأنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء يوم القيامة" (^١). و﴿وَمَا﴾: هنا اسم موصول مفعول أول. و﴿مُحْضَرًا﴾: مفعول ثانٍ. و﴿مِنْ خَيْرٍ﴾: جار ومجرور بيان لـ ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿وَمَا عَمِلَتْ﴾.

(^١) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم (٢٥٨٢).

1 / 182