تفسير العثيمين: آل عمران
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ثم قال في الرابع: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣]، لكمال سلطانه، لا أحد يشفع إلا من أذن الله له.
ثم قال تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾:
وهذه الجملة خبرية يقصد بها التهديد، أي: سيحاسبه، وهو سريع الحساب ﷿.
والسرعة في الزمن والتقرير. أما في الزمن فإن الدنيا مهما طالت فهي سريعة الزوال، وكذلك أيضًا سريع الحساب يوم القيامة فإن الله تعالى يفرغ من الخلائق كلهم في مقدار نصف يوم، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٤]، والقيلولة تكون في نصف النهار. وهذه سرعة الحساب. وقد سأل أبو رزين العقيلي النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، كيف يحاسبنا الله في يوم القيامة وهو واحد ونحن جميع -الجماعة الكثيرة-؟، فقال: "ألا أخبرك -أو أنبئك- على شيء من آلاء الله؟ " -يعني تستدل به على إمكان ذلك-، قال: بلى، قال: "هذا القمر واحد، والذي يشاهده كل من على وجه الأرض" (^١).
أما السرعة في التقرير في قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾:
الحساب: أن يحاسب الإنسان ويناقش، لكن لكلٍّ صفة، فالمؤمن لا يناقشه الله ﷿، ولكنه ﷾ يقرره بذنوبه، ويقول: عملت كذا في يوم كذا في يوم كذا فيقر (^٢). وأما
(^١) رواه الإمام أحمد في المسند، رقم (١٥٧٧٣). (^٢) تقدم تخريجه (ص ١٠٩).
1 / 127