تفسير العثيمين: آل عمران
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
فقريش كانوا إذا سُئلوا: مَنْ خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله. لكن قالوا في القرآن: إنه كهانة وشعر وسحر وما أشبه ذلك.
وقوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾:
والعذاب هنا بمعنى العقوبة، والشديد: القوي. يعني العقوبة قوية -والعياذ بالله- وقد ذكر الله تعالى في القرآن، وذكر نبي الله ﷺ في السنّة أصنافًا وأنواعًا من هذا العذاب تقشعر منه الجلود، وتوجل منه القلوب. قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ [الكهف: ٢٩] إن يستغيثوا، ولا يستغيثون إلا لشدة الحر والظمأ، فإذا أغيثوا يؤتون بماء يشوي الوجوه، إذا أقبلوا به إلى أفواههم ليشربوه شوى وجوههم والعياذ بالله.
قال تعالى: ﴿بِئْسَ الشَّرَابُ﴾ [الكهف: ٢٩] هذا شرابهم.
وقال تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان: ٤٣ - ٤٦] هذا طعامهم.
وأما لباسهم فقال تعالى: ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ﴾ [إبراهيم: ٥٠].
ومقرهم: قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٥٥].
﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ٥٦].
ولأهل هذا العذاب الصراخ والعويل. قال تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾
1 / 14