تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
القدرة الدالة على أن الله تعالى قادر على إحياء الموتى الذي أنكره هؤلاء المكذبون، وقوله: ﴿أفلم ينظروا إلى السماء﴾ يشمل نظر البصر، ونظر البصيرة، نظر البصر يكون بالعين، ونظر البصيرة يكون بالقلب، أي: التفكر، وقوله: ﴿إلى السماء فوقهم كيف بنينها﴾ قد يقول قائل: إن كلمة: ﴿فوقهم﴾ لا فائدة منها، لأن السماء معروفة أنها فوق، ولكن نقول: إن النص على كونها فوقهم إشارة إلى عظمة هذه السماء، وأنها مع علوها وارتفاعها وسعتها وعظمتها تدل على كمال خلقه وقدرته - جل وعلا - ﴿كيف بنينها﴾ بناها الله ﷿ بقوة وجعلها قوية، فقال - جل وعلا -: ﴿وبنينا فوقكم سبعًا شدادًا﴾ أي قوية، وقال تعالى: ﴿والسماء بنينها بأيد﴾ أي بقوة، وهذا البناء لا نعلم كيف بناها الله ﷿ لكننا نعلم أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، خلق الأرض في أربعة، والسماء في يومين، كما قال الله تعالى: ﴿فقضاهن سبع سماوات في يومين﴾ وقوله: ﴿وزينها﴾ أي حسنَّا منظرها، بما خلق الله تعالى فيها من النجوم العظيمة المنيرة المنتظمة في سيرها، وهذه النجوم قال قتادة ﵀ وهو من أئمة التابعين: «خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، وعلامات يُهتدى بها، ورجومًا للشياطين، فمن ابتغى فيها شيئًا سوى ذلك فقد أضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به» (^١)
يشير إلى ما ينتحله المنجمون من الاستدلال بحركات هذه النجوم على الحوادث الأرضية، حتى إنهم يبنون سعادة الشخص وشقاءه على
(^١) أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم كتاب بدء الخلق، باب في النجوم..
1 / 77