تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الإثم، وانتفخت أوداجه، وقال: أمثلي يُقال له: اتق الله! وما علم المسكين أن الله خاطب من هو أشرف منه ومن هو أتقى عباد الله لله، فأمره بالتقوى، قال الله ﵎: ﴿يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليمًا حكيمًا﴾ . وقال الله تعالى: ﴿واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه﴾ . ومن الذي لا يستحق أن يُؤمر بتقوى الله؟ فكل واحد منَّا يستحق أن يؤمر بتقوى الله ﷿ والواجب أنه إذا قيل له: اتق الله.
أن يزداد خوفًا من الله، وأن يراجع نفسه، وأن ينظر ماذا أمر به، إنه لم يؤمر أن يتقي فلانًا وفلانًا، إنما أمر أن يتقي الله ﷿، وإذا فسرنا التقوى بأنها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره، تقربًا إليه ومحبة لثوابه، وترك نواهيه خوفًا من عقابه، فإن أي إنسان يترك واجبًا فإنه لم يتق الله، وقد نقص من تقواه بقدر ما حصل منه من المخالفة، فالتقوى مخالفتها تختلف، فقد تكون مخالفتها كفرًاً وقد تكون دون ذلك، فترك الصلاة مثلًا ترتفع به التقوى نهائيًا؛ لأن تارك الصلاة كافر، كما دلَّ على ذلك كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ، وأقوال الصحابة ﵃، حتى إن بعض العلماء حكى إجماع الصحابة على أن تارك الصلاة كافر كفرًا مخرجًا عن الملة، ومنهم التابعي المشهور عبد الله بن شقيق ﵀ حيث قال: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) (^١) .
وكذلك نقل إجماعهم إسحاق بن راهويه، ولم يصح عن أي
_________
(^١) أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة (رقم ٢٦٢٢) .
1 / 12