تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
47

تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

الناشر

دار الثريا للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

«ذكرك أخاك بما يكره» وهذا تفسير من الرسول ﵊ وهو أعلم الناس بمراد الله ﵎ في كلامه: «ذكرك أخاك بما يكره»، سواء كان ذلك في خلقته، أو خلقه، أو في أحواله، أو في عقله، أو في ذكائه، أو في غير ذلك، مثل أن تقول: فلان قبيح المنظر، دميم، فيه كذا، فيه كذا، تريد معايب جسمه، أو في خُلقه بأن تقول: فلان أحمق، سريع الغضب، سيء التصرف، وما أشبه ذلك، أو في خلقته الباطنة كأن تقول: فلان بليد، فلان لا يفهم، فلان سيء الحفظ، وما أشبه هذا، ورسول الله ﷺ حدها بحد واضح بيّن «ذكرك أخاك بما يكره»، قالوا: يا رسول الله، أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» (^١) أي جمعت بين البهتان والغيبة، وعلى هذا فيجب الكف عن ذكر الناس بما يكرهون، سواء كان ذلك فيهم، أو ليس فيهم، واعلم أنك إذا نشرت عيوب أخيك فإن الله سيسلط عليك من ينشر عيوبك، جزاءً وفاقًا، لا تظن أن الله غافل عما يعمل الظالمون، بل سيسلط عليه من يعامله بمثل ما يعامل الناس، لكن إذا كانت الغيبة للمصلحة فإنه لا بأس بها، ولا حرج فيها، ولهذا لما جاءت فاطمة بنت قيس إلى رسول الله ﷺ تستشيره في رجال خطبوها، بيَّن معايب من يرى أن فيه عيبًا، فقد خطبها ثلاثة: معاوية بن أبي سفيان ﵁ وأبو جهم بن حارث، وأسامة بن زيد ﵃، فقال لها النبي ﷺ: «أما معاوية فصعلوك لا مال

(^١) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والاداب، باب تحريم الغيبة (٢٥٨٩) ..

1 / 52