تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين كأنه تقدم بين يدي الله ورسوله، فبدأ بالصوم قبل أن يحين وقته، ولهذا قال عمار بن ياسر ﵄: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم ﷺ» (^١) . ومن التقدُّم بين يدي الله ورسوله البدع بجميع أنواعها، فإنها تقدم بين يدي الله ورسوله؛ بل هي أشد التقدم؛ لأن النبي ﷺ قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور» . وأخبر بأن «كل بدعة ضلالة» (^٢) . وصدق ﵊ فإن حقيقة حال المبتدع أنه يستدرك على الله ورسوله ما فات، مما يدعي أنه شرع، كأنه يقول: إن الشريعة لم تكمل، وأنه كملها بما أتى به من البدعة، وهذا معارض تمامًا لقوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم﴾ .
فيقال لهذا الرجل الذي ابتدع: أهذا الذي فعلته كمال في الدين؟ إن قال: نعم، فإن قوله هذا يتضمن أو يستلزم تكذيب قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم﴾، وإن قال: ليس كمالًا في الدين، قلنا: إذن هو نقص؛ لأن الله يقول: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون﴾ فالبدعة كما أنها ضلالة في نفسها فهي في الحقيقة تتضمن الطعن في دين الله، وأنه ناقص، وأن هذا المبتدع كمله بما
_________
(^١) أخرجه البخاري معلقًا، كتاب الصوم، باب قول النبي ﷺ: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا» .
(^٢) أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في لزوم السنة (٤٦٠٧) والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (٢٦٧٦) وابن ماجه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين (٤٢) . وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
1 / 8