تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الله عليه وعلى آله وسلم بحثوا عن أمره في السر - يعني فيما لا يظهر للناس - وهو العمل الذي يفعله في بيته من العبادات فكأنهم تقالُّوها فقالوا: إن رسول الله ﷺ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأما هم فلم يكن لهم ذلك، فقال أحدهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: أنا أقوم ولا أنام، وقال الثالث: أنا لا أتزوج النساء، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: «أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (^١)
فحذرهم أن يعملوا عملًا يشق عليهم، ومن ذلك أيضًا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵁ وعن أبيه - أنه بلغ النبي ﷺ قوله: إنه ليصومن النهار، وليقومن الليل ما عاش، فدعاه النبي ﷺ قال: «أنت قلت هذا؟» قال: نعم، قال: «إنك لا تطيق ذلك» (^٢) ثم أرشده لما هو أفضل وأهون، والحاصل أنه يوجد من الصحابة ﵃ من له همَّة عالية لكن الرسول ﵊ لا يطيعهم في كثير من الأمر؛ لأن ذلك يشق عليهم لو أنه أطاعهم، ثم قال ﷿: ﴿ولكن الله حبب إليكم الإِيمان﴾، قد يقول قائل: ما هو ارتباط قوله: ﴿ولكن الله حبب إليكم الإِيمان﴾ بقوله: ﴿واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأَمر لعنتم﴾؟.
والجواب: أنكم تطيعونه - أي الرسول عليه الصلاة
_________
(^١) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح (٥٠٦٣) ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه ... (١٤٠١) ..
(^٢) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب صوم الدهر (١٩٧٦) ومسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقًّا ... (١١٥٩) .
1 / 29