تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
كان غنيًّا وأصابته جائحة وافتقر فلا نقبل شهادة الواحد، ولا نقبل شهادة اثنين، بل لابد من ثلاثة، لأن النبي ﷺ قال لقبيصة: «إنها لا تحل المسألة» وذكر منها رجل أصابته جائحة - يعني اجتاحت ماله - فشهد ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: إن فلانًا قد أصابته جائحة فحلت له المسألة (^١)
(ثلاثة من ذوي الحجا) يعني من ذوي العقل، وكذلك نقبل رجلًا مع يمين المدعي كما لو ادعى شخص على آخر بأنه يطلبه ألف ريال، فقلنا للمدعي: هات بينة، قال: عندي رجل واحد، فإذا أتى برجل واحد وحلف معه، حكمنا له بما ادعاه وهناك أشياء أيضًا لا يتسع المجال لذكرها، وعلى هذا فخبر العدل فيه تفصيل على ما تقدم وخبر الفاسق يتوقف فيه حتى يتبين الأمر، ثم بين الله ﷿ الحكمة من كوننا نتبين بخبر الفاسق فقال: ﴿أن تصيببوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين﴾ يعني أمرناكم أن تتثبتوا كراهة أن تصيبوا قومًا بجهالة؛ لأن الإنسان إذا تسرع ولم يتثبت فقد يعتدي على غيره بناءً على الخبر الذي سمعه من الفاسق، وقد يكرهه، وقد يتحدث فيه في المجالس، فيصبح بعد أن يتبين أن خبر الفاسق كذب نادمًا على ما جرى منه، وفي هذه الآية دليل على أنه يجب على الإنسان أن يتثبت فيما ينقل من الأخبار ولا سيما مع الهوى والتعصب، فإذا جاءك خبر عن شخص وأنت لم تثق بقول المخبر فيجب أن تتثبت، وألا تتسرع في الحكم؛ لأنك ربما تتسرع وتبني على هذا الخبر الكاذب فتندم فيما بعد، ومن ثم جاء التحذير من النميمة،
_________
(^١) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة (١٠٤٤) .
1 / 26