تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
لمن حمده. يعني استجاب الله لمن حمده، وليس المعنى أنه يسمعه فقط، لأن الله يسمع من حمده ومن لا يحمده إذا تكلم، لكن المراد أنه يستجيب لمن حمده بالثواب، فهذا السمع يقتضي الاستجابة لمن دعاه.
أما قوله تعالى: ﴿عليم﴾ فالمراد أنه ذو علم واسع، قال الله تعالى: ﴿لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما﴾ . فعندما تؤمن بأن الله سميع، وأن الله عليم، هل يمكن وأنت في عقلك الراشد أن تقول ما لا يرضيه؟ لا، لأنه يسمع، فلا ينبغي لك أن تُسمِع الله ما لا يرضاه منك، أسمِعْهُ ما يحبه ويرضاه إذا كنت مؤمنًا حقًّا بأن الله سميع، وأعتقد لو أن أباك نهاك عن قول من الأقوال فهل تتجرأ أن تسمعه ما لا يرضاه أو أن تسمعه ما نهاك عنه؟ فالله أعظم وأجلّ، فاحذر أن تسمع الله ما لا يرضاه منك، وإذا آمنت بأنه بكل شيء عليم وهذا أعم من السمع؛ لأنه يشمل القول والفعل وحديث النفس حتى ما توسوس به نفسك يعلمه ﷿ إذا علمت ذلك هل يمكن أن تفعل شيئًا لا يُرضيه؟ لا، لأنه ليس المقصود من إخبار الله لنا بأنه عليم بكل شيء، أن نعلم هذا وأن نعتقده فقط. بل المقصود هذا، والمقصود شيء آخر، وهو الثمرة والنتيجة التي تترتب على أنه بكل شيء عليم، فإذا علمنا بأنه بكل شيء عليم فهل نقول بما لا يرضى؟ لا، لأنه سوف يعلمه، وإذا علمنا بأنه على كل شيء عليم هل نعتقد ما لا يرضى؟ لا، لأننا نعلم أنه يعلم ما في قلوبنا، قال الله تعالى: ﴿واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه﴾ . وقال تعالى:
1 / 15