تفسير العثيمين: الفرقان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٣)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ [الفرقان: ٣].
* * *
مناسبة هَذِهِ الآية لمَا قبلَها أنَّ اللَّه لمَّا أَثنَى على نفسِه بما أثنى به؛ ناسبَ أن يَذْكُرَ تلك الأصنام الَّتِي اتُّخِذَتْ من دونه -يعني من دون اللَّه آلهة- لِيَتبَيَّنَ حالُها؛ لأنَّ الأشياء تَتبَيَّن بما يَكُون لها من صفاتٍ.
قوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَاتَّخَذُوا﴾ أي الكفَّار ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ أي اللَّه]، أَمَّا الضمير الأول في قوله: ﴿وَاتَّخَذُوا﴾ فلم يُذكَر له مَرْجعٌ لَفْظِيٌّ، لكِن مَرْجِعُه معلوم بحسَب الحالِ؛ لِأَنَّ قوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ﴾ أي: الكفار المتَّخِذون، فَهُوَ لا مَرْجِعَ له لفظًا، لكِن مرجعه معلوم بحالِ الواقعِ. وَأَمَّا قوله: ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ فمرجعه ظاهر مما سبق؛ لأنَّ اللَّه تحَدَّثَ عن نفسه بقوله ﷾: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ إلى أن قال: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ﴾.
وقوله: ﴿آلِهَةً﴾ جَمعْ إله، وهَذِهِ الآلهة إِنَّمَا كانت آلهةً باتخاذِهِم، أَمَّا في الحقيقة فليستْ آلهةً؛ لِأَنَّهَا ليستْ مُسْتَحِقَّةً للعبادة؛ لِقَوْلِ اللَّهِ ﷾: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)
1 / 26