تفسير العثيمين: الفرقان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٤٤)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٤].
* * *
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ﴾ سَمَاعَ تَفَهُّمٍ ﴿أَوْ يَعْقِلُونَ﴾ ما تقولُ لهم، ﴿إِنْ﴾ ما ﴿هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ أخطأُ طَريقًا مِنها؛ لِأَنَّهَا تنقادُ لمِن يَتَعَهَّدُها، وهم لا يطيعون مولاهم المنعِمَ عليهم].
قوله: ﴿أَمْ تَحْسَبُ﴾ الخطاب إما للرسول ﵊ وإما لكل مَن يتأتَّى خِطابُه مِمَّن يصِحُّ خطابُه، وقوله: ﴿أَمْ﴾ بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام، لكِن هل هي متَّصِلة أو منقطِعة؟ هي منقطعة؛ لِأَنَّهَا بمعنى (بل)، والمتصلة هي الَّتِي تكون بين أمرينِ متعادلينِ، مثل قوله ﷾: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [المنافقون: ٦]، هَذِهِ متَّصلة، فالَّتِي تأتي بين شيئينِ متعادلينِ يُسمُّونها متصلةً؛ لِأَنَّهَا تصل الأوَّل بالثَّاني، وإذا لم تكنْ كذلكَ فهيَ منقطِعة، فقوله هنا: ﴿أَمْ﴾ ليس فيها معادِل، فتكون إذَن منقطِعةً بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام.
وقوله: ﴿تَحْسَبُ﴾ بمعنى تَظُنّ ﴿أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ﴾ يعني أَنَّهُمْ لا يسمعون ولا يعقلون، وما المرادُ بالسمعِ؟ يقول المُفَسِّر ﵀ هنا: [سماع تفهُّم] وإنما قيَّده بسماع التفهُّم لأَنَّهُمْ يسمعون سَمْعَ إدراكٍ، لكنَّه لا ينفعهم؛ لأنَّهم
1 / 180