تفسير العثيمين: العنكبوت

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
82

تفسير العثيمين: العنكبوت

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

أن نقول: ﴿إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [فصلت: ٣٩]، على الإطلاق. فإذا قال قائل: ألا يَنتقِضُ علينا هذا بقوله تعالى: ﴿وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: ٢٩]. قلنا: المشيئةُ هُنا عائدةٌ على الجمعِ لا على القُدْرَةِ، والمعنى: أنه إذا شاءَ أن يجمَعَهم جمَعهم بدون عَجْزٍ، ﷾، فلا تنافي ما تقَدَّم ذِكْرُهُ. ويقولون: إن الشيطان جمعَ جنودَهُ، أو هم اجتَمَعوا إليه فقالوا له: إنك تَفْرَحُ بموت العالمِ ولا تفْرحُ بموت العابِدِ، فقال لهم: نعم؛ لأن العابدَ إذا ماتَ يموتُ عن نَفْسِهِ لكنَّ العالِم إذا مات يموتُ عن عالَمٍ، وإذا بقي يُفْسِدُ علينَا الأمور. ومراده بالعلماءِ العُلماءِ الحقِيقِيُّونَ الذين يعمَلُونَ ويَدْعُونَ. ثم قال الشيطان لجنوده: أذهَبُ أنا وأنتم إلى عالمٍ نَسألُه وإلى عابِدٍ. فذهبوا إلى العابَدِ فقالوا له: هل يَقْدِرُ اللَّهُ أن يخلُقَ مثلَ نَفْسِهِ؟ قال: نعم. قالوا: ما الدليل؟ قال: لأنَّ اللَّه على كُلِّ شيءٍ قَديرٍ. فهذا الرجل كَفَرَ؛ لأن أي إنسان يعتقدُ هذا الاعتقادَ فهو كافِرٌ، وهو اعتقادٌ غيرُ صحيحٍ وفاسد، ولا يمكن، لو لم يكن مِنَ الفَرقِ -والفرق عظيم جدًا- إلا أن هذا الإله لو قُدِّرَ فهو مخلُوقٌ، والإلهُ الحقُّ غيرُ مخلوق. ثم جاؤوا إلى العالِم وقالوا له: هلْ يَقْدِرُ اللَّه أن يضَعَ السمواتِ والأرض في بَيضَةٍ واحِدةٍ؟

1 / 86